الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيْمٍ , وَبَعَثَ النَّبِيِّيْنَ مُبَشِّرِيْنَ وَمُنْذِرِيْنَ , وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيُرْشِدُوْا النَّاسَ إِلَى سَبِيْلِ الْهُدَى وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوْر ,وَأَشْهَدُ أَنْ لاَإِلهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ , وَ أَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الَّذِي بَعَثَهُ فِي الأُمِّيِّيْنَ رَسُوْلاً مِنْهُمْ يَتْلُوْا عَلَييْهِمْ آيَاتِهِ وَ يُزَكِّيْهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوْا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِيْنٍ. اَللَّهُمَّ فَصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُوْلاً نَبِيًّا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِيْنَ يُحْسِنُوْنَ إِسْلاَمَهُمْ وَلَمْ يَفْعَلُوْا شَيْئًا فَرَرِيًّا، أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا الْحَاضِرُوْنَ رَحِمَكُمُ اللهُ، اُوْصِيْنِيْ نَفْسِىْ وَإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَدْ فَازَ الْمُتَّقُوْنَ.
أَيُّهَا
الأَسَاتِذَةُ الكِرَام !
وَأَيُّهَا الطُّلاَّب وَالطَّالِبَات الأَحِبَّاء !
قَبْلَ كُلِّ شَيْئٍ، أَشْكُرُ اللهَ تَعَالَى، الَّذِي اَنْعَمَ
عَلَيْنَا نِعَمًا كَثِيْرَةً، حَتَّى نَسْتَطِيْعَ بِهَا الإِجْتِمَاعَ، فِى
هَذَا المَكَانِ المُبَارَكِ، إِنْ شَاءَ اللهُ. وَلاَ أَنْسَى، أَنْ أُصَلِّيَ
وَأُسَلِّمَ عَلىَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، ص.م. وَعَلىَ اَلِهِ وَاَصْحَاِبِه
وَأُمَّتِهِ، وَعَلَيْنَا أَجْمَعِيْنَ. أَقُوْلُ شُكْرًا جَزِيْلَا لِرَئِيْسِ
الجَلَسَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ أَعْطَانِي اْلفُرْصَة، حَتَّى أَسْتَطِيْعَ بِهَا
القِيَامَ، بَيْنَ لَدَيْكُمْ، وَمَا أَقُوْمُ أَمَامَكُمْ، إِلَّا لِإِلْقَاءِ
الكَلِمَاتِ بَعْدَ الكَلِمَاتِ، بِالُّلغَةِ العَرَبِيَّة . يَسُرُّنِي
إِهْتِمَامُكُمْ ، بِمَا يَاتِي مِنْ خِطَابَتِيْ، تَحْتَ المَوْضُوْعِ "أَرْبَعُ خَصَائِصَ لِلْحَيَاةِ السَّعِيْدَةِ وَكَيْفِيَّةِ
تَحْقِيْقِهَا"
اَلْحَيَاةُ السّعِيْدَةُ هِيَ رَغْبَةُ الْجَمِيْعِ. لَا يُوْجَدُ
إِنْسَانٌ يُرِيْدُ أَنْ يَعِيْشَ حَيَاةً مَلِيْئَةً بِالصُّعُوْبَةِ وَاْلقَلَقِ
وَعَدَمِ السَّلَامِ. وَمَعَ ذَلِكَ، تَخْتَلِفُ مَبَادِئُ النَاسِ وَوِجْهَاتُ نَظْرِهِمْ
فِي قِيَاسِ السَّعَادَةِ. اَلسَّعَادَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤْمِنِ لَيْسَتْ فَقَطْ
اَلسَّعَادَةُ اَلدُّنْيَوِيَّةُ فِي صُوْرَةِ تَرَفٍ وَوَفِرَةٍ مَادِيَّةٍ، بَلْ
يَجِبُ أَنْ تَحَقَّقّ السَّعَادَةُ فِي اْلآخِرَةِ أَيْضًا. لَا يَنْبَغِيْ لَنَا
أَيْضًا أَنْ نَسْعَى دَائِمًا وَرَاءَ الْحَيَاةِ اْلآخِرَةِ بَيْنَمَا نَنْسَى اِحْتِيَاجَاتِ
السَّعَادَةِ لِأَنْفُسِنَا وَلِعَائِلَتِنَا. وَقَدْ عَلِمَ النَّبِي قَوْمَهُ تَحْقِيْقَ
السَّعَادَةِ فِي اْلآخِرَةِ بِعَدَمِ نِسْيَانِ سَعَادَةِ الدُّنْيَا.
وَابْتَغِ فِيْمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ
الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيْبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ
أَيُّهَا الإِخْوَانُ الأَحِبَّاءُ!
إِنَّ السَّعَادَةَ اَلَّتِي
نَرْغَبُ فِيْهَا هِيَ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَاْلآخِرَةِ، فَالدُّعَاءُ اَلْمَوْصُوْفَةُ
فِي اْلقُرْآنِ اْلكَرِيْم اَلَّذِي يُقْرَأُ دَائِمًا فِي جَمِيْعِ الْأَحْوَالِ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
أَيُّهَاالحَاضِرُوْنَ أَسْعَدَكُمُ اللهُ!
كَمُسْلِمٍ، اَلسَّعَادَةُ يَجِبُ
أَنْ تَتَحَقَّقَ بِطَرِيْقَةٍ جَيِّدَةٍ وَيَرْضَاهَا اللهُ تَعَالَى. وَبِهَذِهَ
الطَّرِيْقَةِ، لَنْ نَحْصُلَ عَلَى السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ، بَلْ فِي
اْلآخِرَةِ أَيْضًا. فَمَا هُوَ شَكْلُ السَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ الَّنبِي؟
اَلسَّعَادَةُ الْحَقِيْقِيَّةُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِيْنَ هِيَ سَعَادَةُ الْآخِرَةِ
فِيْ صُوْرَةِ النَجَاةِ مِنَ النَّارِ وِدُخُوْلِ الْجَنَّةِ كَمَا قَالَ النَّبِي
مُحَمّد "إِنَّ مَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ وَدَخَلَ الْجَنَّةِ"
، تِلْكَ هِيَ السَّعَادَةِ الْحَقِيْقِيَّةِ."
أما عن السعادة الدنيوية
فقد وصف النبي 4 مؤشرات للسعادة، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام الديلمي؛
أَرْبَعٌ مِنْ سَعَادَةِ اْلمَرْءِ أَنْ تَكُوْنَ
زَوْجَتُهُ صَالِحَةً وَأَوْلاَدُهُ أَبْرَارًا وَخُلَطَائُهُ صًالِحِيْنَ وَأَنْ
يَكُوْنَ رِزْقُهُ فِى بَلَدِهِ
يَصِفُ هَذَا الْحَدِيْثُ اَلسَّعَادَةُ فِيْ الدُّنْيَا عِنْدَمَا
تَعِيْشُ فِي بِيْئَةٍ جَيِّدَةٍ وَمَحَاطًا بِالصَّالِحِيْنَ. أَيْ أَنْ يَكُوْنَ
لَهُ زَوْجَةً صَالِحَةً، وأولادا أَبْرَارًا، وَأَصْدِقَاءً صَالِحِيْنَ، وَرِزْقًا يَسِيْرًا.
أَيُّهَاالحَاضِرُوْنَ اْلكِرِامْ
فَمَا هِيَ اَلنَّصَائِحُ لِلْحُصُوْل
عَلَى السَعَادَةِ فِي الدُّنْياَ وَالْآخِرَةِ؟ يُقَدِّمُ الْإِسْلَامُ خَمْسَةَ
مَفَاتِيْحَ لِتَحْقِيْقِ السَعَادَةِ
الأول اِلصَّبْرُ
الثانى اَلشّكُرُ
الثالث اَلْإِخْلاَصُ
الرَّابِعُ اَلرِّضَاءُ
الخاَمِسُ اَلتَّوَكُّلُ
إكْتَفَيْتُ إِلَى هُنَا
أَوَّلاً وَإِنْ شَاءَ اللهُ سَنَسْتَمِّرُ فِي مُنَاسِبَةٍ أُخْرَى، لَيْسَ الْفِرَاقُ
بِالفِرَاقِ وَلَكِنَّ الفِرَاقْ بِالشَّوْقِ.
والسلام عليكم السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته